التصنيف للتعليم العالي

بدائل منظومة التصنيف

لكل منظومة تصنيف توجد سلبيات. هناك أشخاص يقترحون بدائل لمنظومة التصنيف الحالية في البلاد من أجل التغلّب على سلبيّاتها. استطلاع في الموضوع أجري في البلاد على أكثر من 8,000 مجيب. نحو %70 من المجيبين في الاستطلاع اقترحوا تأسيس التصنيف على مقابلة شخصية أو على امتحان في المجال التعليمي المراد، نحو %60 منهم اقترحوا تقليل وزن الامتحان السيكومتري في التصنيف أو إلغاءه تماما وزيادة وزن علامات امتحانات البجروت، ونحو %50 منهم اقترحوا تأسيس التصنيف على التحصيل في السنة الأولى، أي تصنيف الطلاب فقط بعد السنة الدراسية الأولى. ومع ذلك، فلهذه البدائل أيضًا هناك سلبيات، وسنناقشها في البنود التالية.

المقابلة الشخصية

وفقًا لهذه الطريقة يجب أن يستند التصنيف للتعليم العالي إلى مقابلة شخصية واحدة أو أكثر والتي ستحدد إلى أي مدى يلائم كل متقدّم مجالًا دراسيّا معيّنا. يرغب الكثير من المتقدّمين للدراسة بالمقابلة كأداة للتصنيف، وذلك لأنّهم يشعرون أنّها تعطي لهم فرصة للتعبير عن أنفسهم وأن يعبّروا بشكل كامل عن قدراتهم وميزات شخصيّتهم.

ومع ذلك، تظهر الكثير جدّا من الدراسات أنّ المقابلة ليست أداة تصنيف موضوعية، وهي تعاني من التحيّزات في الحكم. توجد لدى من يُجرون المقابلة مواقف وتفضيلات شخصية، بل أحيانا لا يكونون واعين عليها، وبعضها ليس ذا صلة بالنجاح في الدراسة: خصائص مثل العمر، الجنس، الأصل العرقي، أسلوب الحديث والمظهر الخارجي قد تؤثّر على مسار المقابلة وعلى تقييم مُجري المقابلة. إلى جانب ذلك، عندما يقيّم عدّة مُجرين للمقابلة المتقدّم نفسَه يحدث في أحيان كثيرة أنّهم لا يتّفقون بينهم على قدراته أو على احتمالات نجاحه في الدراسة. وحقّا، فقد أظهرت الكثير من الدراسات بأنّ قدرة مقابلة التصنيف على توقّع احتمالات نجاح المتقدّمين للدراسة منخفضة جدّا حتى صفر. وفي النهاية، عندما تكون هناك حاجة لتصنيف عدد كبير من المتقدّمين لا يكون استخدام المقابلة كأداة للتصنيف عمليّا، وذلك لأنّه من الصعب تجنيد الكثير جدّا من مُجري المقابلات المهنيّين وإعدادهم لهذه المهمّة. باختصار، إنّ إقامة منظومة تصنيف تستند إلى المقابلات هو أمر معقّد وباهظ جدّا، ولأنّ المقابلات لا تساعد تقريبا في توقّع النجاح في الدراسة، فلا يوجد ما يبرّرها.

امتحان مخصص في المجال التعليمي المطلوب

وفقًا لهذه الطريقة يجب أن يستند القبول للتعليم إلى امتحان يفحص المعرفة أو المهارات والصفات الشخصية ذات الصلة في المجال التعليمي المطلوب.

في أحيان كثيرة لا تكون اختبارات المعرفة عادلة. الكثير من المجالات التعليمية في التعليم العالي لا يتم تعلّمها في المدرسة الثانوية، ولذلك فمن المرجّح أنّه لن تكون لدى الكثيرين من طالبي دراستها معرفة مسبقة تتعلق بها. إنّ الامتحان المستند إلى المعرفة المسبقة من المتوقّع أن يكون متحيّزا لصالح أولئك الذين درسوا هذا المجال في المدرسة الثانوية أو في أقسام متميّزة، ومتحيّزا ضدّ أولئك الذين لم يتم تعليم هذا المجال في مدرستهم. بالإضافة إلى ذلك، فمن غير العملي أن نطلب من المتقدّم الذي سجّل لبعض المجالات التعليمية أن يتقدّم لاختبارات معرفة في كل واحد من تلك المجالات، لأنّ الأمر سيُلزمه ببذل الكثير من الوقت، المال والجهد.

في مجالات تعليمية معيّنة، والتي يتطلّب النجاح فيها مهارات خاصّة أو صفات شخصية محدّدة، يتم استخدام اختبارات مخصصة بالإضافة إلى أدوات التصنيف الاعتيادية. على سبيل المثال، فإنّ التصنيف لدراسات الهندسة المعمارية ودراسات بعض مجالات الفنون يستند إلى ملف أعمال وإلى اختبارات أداء على حدّ سواء، والتصنيف للدراسات الطبية يستند أيضًا إلى مراكز تقييم تفحص جوانب في شخصية المتقدّمين وفي سلوكيّاتهم.

التصنيف استنادا إلى علامات البجروت فقط

يعتقد مؤيّدو هذه الطريقة بأنّ امتحانات البجروت تتعلّق بمجموعة متنوّعة من المواضيع والقدرات وتعكس نتاج الكثير من السنوات التعليمية، ولذلك فلا حاجة بأنْ نضيف إليها أداة تصنيف إضافية، ويجب قبول المتقدّمين للدراسة استنادا إلى علامات البجروت الخاصة بهم فقط. هذه الطريقة مطبّقة فعليّا في معظم الكليّات وفي بعض الأقسام في الجامعات.

الاستخدام الحصري لامتحانات البجروت ليس معتادًا في البلاد بشكل واسع، وذلك بسبب خصائص امتحانات البجروت التي تمسّ بقدرتها على توفير مقياس موضوعي، محقق للمساواة وعادل لمستوى القدرات لدى المتقدّمين للدراسة، كما ذكر أعلاه.

التصنيف خلال الدراسة

وفقًا لهذه الطريقة يجب قبول جميع المتقدّمين للدراسة لسنة واحدة، ويتم في نهايتها تصنيفهم بحسب علاماتهم. هذه الطريقة مطبّقة فعليّا في الجامعة المفتوحة وفي بعض الأقسام في الجامعات والكليّات.

إنّ التصنيف خلال الدراسة ليس معتادًا بشكل واسع لعدة أسباب. بالنسبة للمؤسسات التعليمية، فإنّ الكثير من الأقسام الدراسية ليس جاهزًا لاستيعاب الطلاب بأعداد كبيرة؛ لأنّ عدد الصفوف التعليمية والمحاضرين فيها لا يكفي من أجل ذلك. بالإضافة إلى ذلك، ففي هذه الطريقة يمكن لعدد المسجّلين لكل قسم أن يتغيّر بشكل كبير كل عام، وهذا الأمر يصعّب على المؤسسات أن تتجهّز لذلك. وبالنسبة للمتقدّمين للدراسة، ففي هذه الطريقة لا تُلغى الحاجة إلى اجتياز اختبار تصنيف للتعليم العالي بل فقط يتم تأجيلها حتى نهاية السنة الأولى. الطالب الذي لم ينجح في الاجتياز للسنة الثانية في قسم معيّن، سيعلم بذلك فقط عند انتهاء السنة الدراسية، بعد أن بذل وقتا، مالًا وجهودًا بلا جدوى، بل وقد لا يسمح له الوقت بالتسجيل للدراسة في قسم آخر. فضلا عن ذلك، يستند التصنيف بهذه الطريقة إلى اختبارات متنوّعة كتبها العديد من الأشخاص في مؤسسات عديدة وسنوات كثيرة، ولذا فهي غير موحّدة وغير عادلة.

لقد تمّ تجريب نموذج التصنيف خلال الدراسة في البلاد في الماضي وفشل فشلًا ذريعًا. وقد أدّى إلى أجواء دراسية تنافسية، إلى ضغوط كبيرة على المعلّمين بأن يُعطوا علامات عالية، إلى انخفاض في جودة التعليم، إلى ارتفاع في التكلفة المالية للتعليم - سواء للطالب أو للمؤسسة - وإلى الشعور بالإحباط، الفشل وتبذير الوقت لدى من لم يتمّ قبوله. كل ذلك جعل المؤسسات التي طبّقت هذا النموذج توقف استخدامه.